22/حزيران/2009
آشور كيواركيس – بيروت
تستطيع الكذبة أن تركض حول العالم قبل أن تتمكـّن الحقيقة من لبس حذائها والإنطلاق" - جيمس واط"
التاريخ حقيقة ثابتة لا تشوّهها آلاف اللحى والشراويل ولا نقاش حولها، أمـّـا المنطق فهو "مفهوم" أي أنه يتلوّن حسب مستوى فهم كل فرد أو مجموعة لموضوع معيـّن، وهنا يبدأ ما يـّعرَف بـ"النقاش"، لذلك سنعتمد في الأسطر التالية على نقاشنا في فوبيا الآشورية على المنطق وليس فقط على التاريخ، وذلك بحسب مفهومنا للطرح الهويـّـاتي الآشوري الذي عكـَـس نزعة قومية "كلدانية" بدون أية دراسة، بل كمجرّد "ردّة زجـَـلية" على الآشورية ولو أنها جاءت متأخــّـرة جداً، وقد تطوّرت هذه الردة خلال السنتين الأخيرتين لتتحوّل فعلا إلى أقلام وآراء وجمعيات وأحزاب بدأت تصدّق ما تدّعيه بغضّ النظر عمّن يقف خلفها، بحيث نراها تتحوّل إلى آفة في مجتمعنا السياسي تضيـّع وقتا ثمينا كان من الممكن أن يستغلّ في أمور مصيرية للأمة الآشورية.
موضوعنا إذا هو في قضيـّـة لم تكن، ولكن الظروف شاءت بأن تكون اليوم وأن نضيـّـع وقتنا بها في إثبات الإنتماء الآشوري لقسم كبير من أخوتنا الذين ضللهم فساد رجال الدين ومؤامرات الغرباء، والذين لا يهمّ البسطاء منهم سوى أن يكون إسم كنيستهم بجانب الإسم القومي الآشوري في الدستور الكردو-إسلامي في العراق متناسين بأن مصيرهم في آشور المحتلة بات على المحك وذلك على يد صانعي نزعتهم القومية الحديثة، ولكن كما المنطق الذي تحدّثنا عنه آنفاً، فالعنفوان والكرامة أيضا لهما مفهومهما الخاص لدى كلّ مجموعة أو فرد ... كلّ حسب مستوى فهمه أو تربيته البيئيـّـة.
لا نستطيع الوقوف وقفة المتفرّج أمام ما يقوله رؤساء كنيستنا الكلدانية وخصوصا في ما يتعلـّق بالشأن القومي، وإلا فيحقّ لأي كان من غير رجال الدين، أن يعقد اجتماعات ليخرج بقرار حول طبيعة السيد المسيح أو الثالوث أو ما هنالك من أمور روحية ... فبسبب هذه الممارسات الشاذة لبعض رجال الدين من جهة، وعمالة بعض الساسة الآشوريين للغرباء من جهة أخرى، تتوسّع هذه الآفة الخطرة ليتمّ فهم الهوية الآشورية بشكل خاطئ من قبل المجتمع الكاثوليكي على أنها هوية طائفيـّة تخص أبناء الكنيسة الشرقية دون غيرهم، بحيث نلاحظ منذ مهرجان يونادم كنـّـا الإنتخابي في تشرين الأول عام 2003، تزايد الحملات الإستفزازية من قبل من هبّ ودبّ ليحمل قلمه ويتهجـّم على هويـّـته الآشورية، ولكن رغم سذاجة تلك الحملات إلا أن هناك إناس بسطاء يقرأونها وأجيال يتمّ إفسادها في سبيل إشباع رغبات كاتب أرعن أحب التعويض عن سنوات الضياع في بعثـيــّــته الغبية أو شيوعيـّـته الخائبة أو كـُـردَويـّـته الذليلة.
كل اعتمادنا على التاريخ (حين يتوجـّب ذلك) يكون على أقوال رجال الدين الكاثوليك أنفسهم وذلك لتفادي أية حساسيات من قبل القارئ الذي لم يعتد سماع الحقيقة، تلك الحقيقة التي يجب أن تلعب الدور الأساسي في أسطر أيـّة رسالة أو مقالة تــُـكتـَـب بأقلام مسؤولة. فـقصـّـة ولادة التسمية الكلدانية قد تبدو للقارئ الكاثوليكي "تهميشاً" أو "كراهية" للوهلة الأولى، ولكن حين يقرأ التاريخ من المنظور المنطقي العلمي المجرَّد من الطائفية والعواطف، عندها فقط سيدرك مدى الإذلال الذي قبله على نفسه عبر القرون، منذ فرض التسمية "الكلدانية" من الغرباء ونستطيع تلخيص هذا ذلك بأسطر قليلة :
قبل تسلل إرساليات الكثلكة إلى الشرق الأوسط منذ القرن الرابع عشر، بدأت بوادر اضطهاد كنيسة المشرق تظهر من مكتب بابا الفاتيكان، الذي منه كان يتمّ تدبير المجازر والإضطهادات في كل بقعة في العالم تقع في أعيُن فرنسا وإسبانيا والبرتغال، ونستطيع القول بأن ليس هناك أية كنيسة كاثوليكية تأسست في الشرق عبر امتداده من مصر حتى الفيليبين إلا تحت وطأة المجازر والتجويع بإشراف الفاتيكان وباباواته وكرادلته، وأبرز تلك الكنائس هي الكنيسة الكلدانية نفسها، وقد بدأت ملامح ذلك في قبرص حين وجّه البابا يوحنـّـا الثاني والعشرون (1316 – 1334 م) تعليماته إلى بطريرك أورشليم بوجوب "إستئصال النسطورية واليعقوبية من قبرص بالطرق التي ترونها مناسبة" (1) . وبعد قرن من الزمن نرى أبناء كنيسة المشرق في قبرص يتحوّلون إلى "كلدان" بالقوّة في عهد البابا يوليوس الثالث (1550-1555م)، مما يعني بأن الكاثوليك الشرقيين وبشكل خاص من سمـّأهم البابا "كلدان" ليسوا إلا "ضحايا الكثلكة" أكثر من كونهم "كاثوليك" كون الكثلكة لم تأتهم بالبشارة بل بالإرهاب والذل، وكمثال مباشر على ذلك نورد سردا مبسطا للمستكشف هنري لايارد الذي يصف المشهد البشع لـ"التبشير" الكاثوليكي (الكلدنة) في شمال العراق كما رآه بأم عينيه في أربعينات القرن التاسع عشر، وتحديدا في قرية بيبوزى التابعة لقضاء العمادية، حيث يقول لايارد:
" .... تابعنا زحفنا نحو العمادية وشاهدنا قرية كلدانية إسمها بيبوزى رابضة على قمة جبل شاهق ... فيها عشرة بيوت مطلة على وادي عميق وسكانها جميعهم فقراء، ولكنهم رحبوا بنا خير ترحيب، إنهم من الآشوريين النساطرة الذي أجبروا على اعتناق المذهب الكاثوليكي"، ويتابع لايارد سرده حيث يذكر أنه وصل إلى كنيسة القرية : "على جدران الكنيسة شاهدت بعض الصوَر للقديسين والعذراء بألوان بشعة مع كتابة لاتينية لا تناسب هذا المكان، سألتهم عن هذه الصور فأجابوني : بعد موت كاهننا قدم إلينا المطران يوسف الكاثوليكي (2) وهو الذي علقها وطلب منـّـا الركوع أمامها. أما نحن فنزعناها من على الجدران وكان جواب محمود آغا شيخ الأكراد الميزوريين، أن أمَر بضربنا حتى كـُـسرت العصي على أرجلنا ولهذا تركنا هذه الصور على الجدران، ونحن اليوم مجبرون أن نسمع مواعظ المطران يوسف الذي يأتي إلى القرية بحماية الأكراد ..." (3) وقد تابع المطران أودو وزملائه الفرنسيين هذه السياسة (شراء ذمم الأغوات الأكراد) خلال أيام بطركته (1847-1878) على امتداد آشور (شمال العراق) حتى مناطق برواري وصبنا حيث تمّت كثلكة كنيسة المشرق بالإذلال (4) وأحفاد هؤلاء يـّعرَفون اليوم بـ"الكلدان".
هذا هو "التبشير" الذي من خلاله أتت تسمية "كلدان" وتمّ فرضها على قسم كبير من كنيسة المشرق، بحيث تحوَل الأكراد إلى ملائكة أتت لتبشر أجداد مار دلي وسرهد جمو وإبراهيم ابراهيم بالضرب الإهانة، ولو فهم كلدان اليوم سردَ لايارد أعلاه جيدا لأعادوا اعتبارهم كما فعل بعض الآباء الأجلاء وأبناء هذه الطائفة، وذلك بالعودة إلى كنيستهم الأم، كنيسة المشرق، ولكن بانتظار صحوة الضمير لدى المثقف الكاثوليكي نرى بأن "بعض" أحفاد ضحايا الكثلكة أو (التكلدن) بدأوا يغرزون خناجرهم أكثر وأكثر في ظهر أمتهم.
إن الدافع الطائفي لمعاداة الإنسان لقوميته سيبقى وقودا بأيدي رجال الدين، وبما أنّ حركة التحرر "الآشورية" بدأت من كنيسة المشرق، وتحت قيادة العائلة البطريركية، حتما سيكون الإسم الآشوري مكروها من قبل رؤساء الكنيسة الكلدانية، أضف إلى ذلك الخوف من الإنتماء للآشورية (رهاب الآشورية - AssyroPhobia) بسبب نير المجتمعات المحيطة المتخلـّـفة تقابله النزعة الآشورية التحررية والرافضة للذلّ (لدى انطلاقتها)، وقد تمثل هذا الخوف لدى الآشوريين الكاثوليك (الكلدان) في عدة مراحل منذ انطلاقة الحركة التحررية الآشورية عام 1915، حيث كان دور الكنيسة الكلدانية لا يتعدّى دور ساعي البريد لفرنسا الكاثوليكية وأداتها الفاتيكان، وما يشهد على ذلك محاولة كثلكة الآشوريين بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، فيما كان الشعب الآشوري يعاني من نتائج المجازر، وذلك حين كان يتمّ إرسال رجال الدين الآشوريين المتكثلكين لتأليب بعض الزعماء الكاثوليك على الخروج عن الخط الآشوري وذلك لصالح انضمام هؤلاء إلى المشروع الفرنسي المتمثـل (وهميـّا) بنقل الآشوريين من العراق إلى سوريا عام 1919 ومنحهم (وهمياً) الحكم الذاتي في سوريا، وكل ذلك لإضعاف بريطانيا المنتدبة على العراق بسبب الصراع على اقتسام ميراث الإمبراطورية العثمانية بعد سقوطها (5).
وأيضا تتكرر دلائل "رهاب الآشورية" في العراق إبان المجازر التي قامت بها الحكومة العراقية عام 1933 ضدّ الشعب الآشوري حين قام حوالي 5000 إنسان أعزل باللجوء إلى بلدة ألقوش المعروفة بشجاعتها عبر التاريخ، إلا أن الكنيسة الكلدانية عارضت بقاءهم وطلبت منهم الخروج بناء على منشورات رمتها الطائرات الحربية البريطانية والعراقية، ولم يكن الرادع في وجه الكنيسة إلا موقف أبناء ألقوش الذين أعلنوا تمرّدهم على الكنيسة والحكومة العراقية ودفاعهم عن اللاجئين، مما اضطرّ بطريرك الكلدان إلى مراسلة الفاتيكان لإيقاف المجزرة بعد اتصالات بالإنتداب البريطاني تجنبا لمجزرة بحق "الكاثوليك" (6) وهذا ما حصل حيث أبرق البابا بيـّوس السادس إلى الإنتداب البريطاني طالبا منه إنهاء المشكلة سلميا.
إذا "رهاب الآشورية" (AssyroPhobia) هو حالة نفسية تجسّد ردّة فعل سلبية متنكرة على نشوء حركة تحررية قومية انتشرت منذ بداية الحرب العالمية الأولى (بدء حركة التحرر الآشورية)، وذلك بعد أن أصبحت كلمة "آشوري" تعني بالنسبة للكنيستين السريانية والكلدانية إلى حدّ ما، التمرّد على السلطان، فكيف لو كان هذا الإسم أيضا متبنــّـى من كنيسة المشرق ؟ الخصم الأيديولوجي لللاهوت القبطي والفاتيكاني ؟
إن رهاب الآشورية قد ساهم إلى جانب المؤامرات الخارجية (تعليمات الأحزاب الكردية لرجال الدين وبعض أعضائها من الكاثوليك) بخلق حاجز قومـَـوي (بالإضافة إلى الحاجز الطائفي) يصعب اختراقه بدون التحلي بالشجاعة، وهنا نتكلم عن شجاعة المثقفين من الآشوريين الكاثوليك، وليس ذاك المسكين الذي يقول عن نفسه "سورايا" بدون أن يفهم معنى الكلمة، وللمثقفين الكاثوليك (أي الكلدان) الدور الرائد في مواجهة الأضاليل التي يقوم بها رجال الكنيسة الكاثوليكية منذ تأسيسها، وهذا ما بدأه نخبة من الآشوريين الكاثوليك الشرفاء منذ فترة في الإعلام الآشوري والعراقي بشكل عام بحيث بدأت مواجهة "رهاب الآشورية" من داخل المجتمع الكاثوليكي نفسه، عسى أن يحذو حذوَ هؤلاء باقي من تبقــّـى من المرتبكين الذين لا زالوا يتلعثمون بالأسماء الطائفية حين يحاولون ذكر إسم أمتهم.
والإنتماء القومي الآشوري هو أممي وقومي، أي أن آشور هي أمة وقومية في آن، ولكنها ليست "عرق"، كونها تخضع بالدرجة الأولى إلى عامل "الثقافة" كما كل أمة وقومية في العالم. فالمهم أن تستمر الهوية الآشورية بثقافتها وتقاليدها وجغرافيتها الآشورية مهما كانت الأعراق التي تعمل على إحياء ذلك، وهذا ما عُرف منذ بدايات النزعة القومية في أوروبا في القرن التاسع عشر بالنزعة القومية الإحيائية (Revivalist Nationalism) (7) وبحسب هذا المفهوم، من الممكن أن ينتمي أي كان إلى الأمة الآشورية حين ينتمى إلى العوامل القومية الآشورية التالية وبدون استـثـناء أيّ منها:
- الأرض الآشورية
- الثقافة الآشورية (اللغة والتقاليد)
- التاريخ الآشوري
أمـّـا "الشعور القومي" الذي يتذرّع به البعض من أخواننا فهو مزحة سـَمِجة دحضها العلماء لأسباب أوضح من تفـَـسَّر، ولكن كمثال بسيط على ذلك سنتناول الوضع في الكنيسة الكاثوليكية الآشورية، بحيث لو عدنا بضعة سنوات إلى الوراء سنرى بطريرك الكلدان الراحل مار روفائيل بيداويد يقر على الملأ ويفتخر بقوميته الآشورية وذلك رغم وجوده في عهد البعث، بينما نرى بطريرك اليوم "يشعر" بأنه من قومية "كلدانية"، وهكذا تتغيـّر مواقف الكنيسة في كل مرحلة وغالبا ما يعتمد ذلك على الإنتماء المناطقي للبطريرك، لذلك فإن إبن صبنا وآرادن وألقوش بات مرفوضا في تبوئه السدّة البطريركية "الكلدانية" حتى ولو ذلك قد يؤدي يوما إلى تقسيم الكنيسة، فالمهم ألا يأتي من يمكن أن يفتخر بقوميته الآشورية يوما ... وسيبقى هذا الوضع على حاله في رئاسة الكنيسة الكلدانية والأيام القادمة ستكون خير شاهد على ما نقول.
إذا التـكلدن (Chaldeanism) هو مجرّد عاهة نفسيــّـة مزاجية متقلبة، مثلا في حالة البطريرك دلـّي، لم يذكر في أطروحته لنيل الدكتوراه عام 1958 كلمة "الكنيسة الكلدانية" بل "كنيسة آشور" أو "كنيسة حدياب" أو "كنيسة المشرق"، وفي نفس الأطروحة يستدرك قائلا :
"إن كلمة "كلدان" يظهر أنها أطلقت من قبل البابا أوجين الرابع سنة 1445 على فئة من المسيحيين القادمين من بين النهرين الموجودين في جزيرة قبرص أبّان مجمع اللاتران، وقبل هذا العهد كان هناك بطاركة ومطارنة أشوريين في بلاد آشور..." (8) أي أن البطريرك دلـّي "شعر" عام 1958 بأنه يجب أن يقول الحقيقة من أجل نجاح أطروحته، أما في العام 2003 وما بعده، "شعر" بأنه يجب أن يكذب (بإدغام الذال) ما قاله عام 1958، وهكذا، وبنظر منظـري "المفهوم القومي الكلداني"، على الشعب الآشوري أن يراعي شعور البطريرك دلي في كل مرحلة ويغيـّر تاريخ تسمية "الكلدان" حسب أهواء برزان (9) والفاتيكان (10) . فكما عمل هذان الطرفان على تأسيس الكثلكة في المجتمع الآشوري كما وَرَدَ آنفا، نراهما يعملان اليوم على تأسيس "القومية الكلدانية" للآشوريين الكاثوليك بحيث بدأت تتكوّن تنظيمات سياسية تحت تسمية "كلدان" الطائفية مدعومة من رؤوس الأموال العروبية في ديترويت وسان دييغو، وبرعاية الزمر الكردية (اللوائح الإنتخابية) والفاتيكان (مؤتمرات كنسيـّـة تخرج بشعارات قومية)، ورغم ذلك فإن شعبيـّتها لا تزال ضعيفة كون التمثيل الكاثوليكي تحت الشعار القومي في المنابر الرسمية العراقية يأتي دائما محمولا على الأيدي الكردية، أما القسم الأكبر من الناخبين الكاثوليك فيعود دائماً خلال الإنتخابات إلى شقاوته الشيوعية والكردية ولا يهتم لكل ما له صلة ليس بالفكر القومي الآشوري فحسب، بل حتى البدعة الكلدانية.
نفس المزاجية نجدها لدى البطاركة السريان، فالبطريرك الياس الثالث شاكر (1916- 1932) كان قومجيا تركيا من الديانة المسيحية ورغم ذلك تمّ نفيه إلى الهند، ومار أفرام بارصوم (1933-1957) بدأ آشوريا متحمّسا أثناء المطرنة ثم آراميا أثناء البطركة لينتهي عربيا ويلقــَّب بـ"قسّ العرب" ويموت عربيا، والبطريرك الحالي زكا عيواص يحسده البعثيـون على عروبـيـّـته علما أن إسمه الحقيقي هو "سنحريب" وهو من عائلة آشورية من قلب آشور.
وليس السبب في نكران الكنيستين للهوية الآشورية، الإسم الآشوري الذي تتبناه رسميا كنيسة المشرق في إسمها (كنيسة المشرق الآشورية) كما يتذرّع دعاة الإسم الكوميدي المركـّـب، كون هذا الإسم ألصق بالكنيسة عام 1976، وقبله كانت الكنيستان الأخريان ناكرتان لقوميـّـة أبنائها، بل كانت كنائسا عروبية وقد أثرت عروبيـّـتها في ضياع الكثير من الآشوريين وابتعادهم عن كل فكر غير عروبي كما في بلدتيّ تلكيف (كلدان) وباخديدا (سريان) على سبيل المثال لا الحصر، اللتـيـن استعرب الكثير من أبنائهما بتشجيع الكنيستين الكلدانية والسريانية.
ورغم كل ذلك نشهد نظريات لبعض المتحمسين للكثلكة القومية (التكلدن)، يبثـون أفكارا بدون دراية بالتاريخ أو أن القصـّة هي قصة كيد وإستفزاز أكثر من كونها قناعة ومنطق، وأبسط الأسئلة لهؤلاء هي : من هم البطاركة "أبناء الجنس الآشوري الطيب" الذي يتكلم عنهم الشاعر كيواركيس الأربيلي (القرن الثالث عشر للميلاد) في أنشودته عن بطاركة المشرق ؟؟؟ (إنظر الصورة وترجمتها بالأسفل) – ومن كان بطاركة "الكلدان" خلال أيامهم ؟
