آشور كيواركيس – بيروت
22/10/2013
من بين المغالطات التي نقرأها في بعض "الشخبطات" حول التاريخ الآشوري القديم أو الحديث، نلاحظ تخبـّـطا حتى في ذكر إسم الهوية الآشورية، وذلك قائم على خلفيات عدة وأهمها:
الخلفية السياسية :  المتمثلة بمحاولة تحجيم وتسخيف الهوية الآشورية على الطريقة البعثية التي كانت قد مهّدت لها الأدبيات العراقية الحديثة (بعد تأسيس العراق) وقد تجلــّـى ذلك في كتابات العديد من العروبيين العراقيين مثل أحمد سوسه (نسيم سوسه اليهودي المتأسلم) وعبد الرزاق الحسني وباقي الجوقة العروبية التي تأثر بها بعض الآشوريين الناكرين لهويتهم رغما عنهم أو برضاهم.
الخلفية الثقافية: هي العامل الأكثر تأثيرا في هذه الظاهرة المقيتة ويعود ذلك إلى الجهل في التاريخ (وهذا ليس عيبا)، فالكثيرون لا يزالون متعلقين بعبارة "آثوري" لا بل يدافعون عنها بناءً على أسس ركيكة لا ناقة لها بالحقيقة ولا جَمَل، كأن يقول البعض بأنها من "طورا" ومنها "آطورايا – آتورايا" أي "أبناء الجبال" علما أن كلمة "طورا" لم تكن مستعملة في اللغة الآشورية حتى أيام آخر ملوك آشور، "آشور أوباليت" (وليس آثور أوباليت) كون "جبل" بالآشورية القديمة كانت "شادو"šadû    وليس "طورا" (1) علما أن إسم الأرض والإله الأوحد الغير منظور (الخالق والمخلــّـص)، وارد في المدوّنات الآشورية كـ"آشور" وليس "آثور" ولا "آتور" التي نستعملها اليوم تقليدا للمستوردات اللفظية، ولا يزال إسمنا بالعبرانية (أقدم اللغات بعد الآشورية) "آشوريم"، والحرف العبراني المربّع "آلف بيت آشوري" (الألفباء الآشورية) أو "ختاف آشوري" أي "الكتابة الآشورية" (وليس "ختاف سورياني" ولا "ختاف أثوري ").
كما هناك تفسير ركيك آخر يستعمله بعض البسطاء وهو أن "آتور" من "أترا" أي "الوطن - البلد" ونستطيع أن ندحض ذلك بكل بساطة وبنفس الطريقة التي دحضنا فيها "طورايا، آطورايا" أعلاه كون "وطن" كانت "ماتو" (Matu) بالآشورية القديمة و"بلاد آشور" كانت "مات آشــور" وهذا وارد في مدوّنات الملوك الآشوريين ومنهم الملك توكولتي – آبل – أشارو (توكــّـلت على إبن البدء – أو - تغلات بلاسّر)  حين كتب عن سياسة إجلاء الشعوب : "إيتي نيشي مات آشور أم نوشونوتي"  - أي "أتيت بشعوب إلى بلاد آشور مع شعبي"  (Itti nise mat Assur amnosunuti)   (2)
الجذور اللغوية في مقارنة "آشوري" و "آثوري"
بعد سقوط الدولة الآشورية على يد التحالف الميدي – الكلدي عام 612 ق.م، تمّ الإتفاق بين الطرفين على بقاء الكلديين (3) في المناطق التي احتلوها عام 626 ق.م وسكنوا فيها في جنوب العراق (بابل – الحلــّـة ومحيطها)، بينما تخضع "آشور" للكونفدرالية الميدية ومركزها "أكباتانا" (4) ((همدان الحالية – الكاتب). وقد حافظ الميديون (السلطة الجديدة في آشور) على إسم الأرض الآشورية إنما بلفظه الآرامي "آثور" مع إضافة الألف في النهاية لتصبح "آثورا" (5). ومن الطبيعي أن تدرج هذه اللفظة الجديدة طالما أن أعظم الإمبراطوريات آنذاك بدأت بترويجها، وهكذا بعد الفرس، أبقى الآشوريون على عبارة "آثورايا" عوضا عن "آشورايا" ("آشــّـورو" بالآشورية القديمة – الأكادية)(6) ، ثم تحوّلت "آثورايا"  إلى "آتورايا" في لهجات أورميا وهكاري وسهل نينوى (مع احتفاظ عشيرة تياري بـ"آثورايا")، وبقيت "أوثورويو" في لهجة طور عبدين، وهكذا استعمل الغزاة العرب نفس العبارة التي سمعوها لقرون وهي "آثور" ومنها "آثوري".
الخلاصة :
يجب أن تكون الحركة القومية الآشورية فكرية عقائدية منطلقة من أسس الإنتماء التاريخي (هذا في الحركات القومية للشعوب الأصيلة وليس الهجينة) وبالدرجة الأولى مبنية  على فكر إصلاحي لما دمّره القدر أو المحيط المتخلف أو رجال الدين، ونستطيع أن نقول أن المشاكل التي تساعد على الإنقسامات داخل الأمة الآشورية أغلبها ناتج عن البضاعة المستورَدة من تسميات طائفية، ولكن استيراد لفظة "آثوري – آثورايا – آتورايا" قد رســّـخته الكنيسة في المجتمع الآشوري وذلك لجهلها في التاريخ وكما قلنا سابقا "هذا ليس بعيب" طالما أنّ آثار آشور ومدوّناتها قد دُفنت أو نــُـهبت لقرون... ولكن اليوم وبعد ازدياد الإكتشافات الآثارية وترجمة نصوصها على حقيقتها، لم تعد ذريعة "لم نعرف" سارية المفعول، وإلا لأصبح ذلك "عيبا" بمعنى الكلمة، خصوصا على "القوميين الآشوريين" المؤمنين بأصلهم.
المصادر:
1-	“The Ugaritic Baal Cycle”, Mark Smith & Wayne Pitard, Brill Publishing, Vol II
2-	“The Assyrian Identity in ancient times and today”, Prof Semo Parpula, P:7 
3-	الكلديــّـون : قبائل بحرينية غازية قدمت إلى العراق في الألف الأوّل ق.م وسكنت الأهوار والمستنقعات ثم تغلغلت في بابل وسيطرت على حكمها عام 626 ق.م وكان البابليون يثورون ضدّها ويطالبون بعودة مدينتهم إلى الكنف الآشوري    (هنري ساغس، جبروت آشور، ص: 140)
4-	Kuhrt, Amelie : “The Ancient Near East” vol II, P:541, Edition 1995
5-	“Ages in Alignment”, Vol IV, “The Ramessides, Medes & Persians”, Algora Publishing, 2008, P: 173 
6-	“Discoveries at Ashur in the Tigris”, The Metropolitan Museum Of Art – New York, P : 119